الوجه السابع: أن من زلات ابن حزم زعمه أن الغناء والشطرنج حلال مطلق لا كراهية فيه. وهذا خطأ مردود. أما الغناء المعروف عند أهل اللهو واللعب وهو غناء المخنثين وأشباههم؛ فلما تقدم من الأدلة الكثيرة على تحريمه، والنص على أنه صوت أحمق فاجر ملعون في الدنيا والآخرة، ولما فيه من المفاسد والمضرات التي تقدم ذكرها في أول الكتاب. وما كان هكذا فهو حرام مطلق لا يباح في حال من الأحوال. وأما غيره من أنواع الغناء؛ كإنشاد الشعر، والنصب، والحداء وما أشبه ذلك من غناء الأعراب فهذه الأنواع قد رخص فيها، وتلحقها الكراهة في بعض الأحيان. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره إنشاد الشعر، ويسميه: الباطل ونفث الشيطان، كما تقدم ذلك من حديث الأسود بن سريع وجبير بن مطعم وابن مسعود رضي الله عنهم. وفي حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل عليها وعندها الجاريتان تغنيان بغناء بعاث اضطجع صلى الله عليه وسلم على الفراش وتسجى بثوبه وحول وجهه، وهذا يدل على كراهته لذلك. وسئلت عائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ فقالت: كان أبغض الحديث إليه. رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي وابن جرير وابن أبي حاتم. وروى الإمام أحمد أيضاً ومسلم والبخاري في تاريخه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض شاعر ينشد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذوا الشيطان - أو - أمسكوا الشيطان، لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً».