النبي صلى الله عليه وسلم وسمع مثل هذا وصنع مثل هذا. قال ابن حزم: هذه هي الحجة القاطعة بصحة هذه الأسانيد، ولو كان المزمار حراماً سماعه لما أباح عليه السلام لابن عمر سماعه، ولأمر عليه السلام بكسره، فما فعل عليه السلام شيئاً من ذلك، وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أكثر أمور الدنيا، كتجنبه الأكل متكئاً، وأن يبيت عنده دينار أو درهم، وأن يعلق الستر على سهوة في البيت والستر الموشى في بيت فاطمة فقط.
والجواب: أن يقال: هذا الحديث الصحيح حجة قاطعة على ابن حزم ومن سلك سبيله وليس فيه حجة لهم. وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أول الكتاب، وفي أثنائه أيضاً عند قول أبي تراب: وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع مزماراً، فوضع أصبعيه في أذنيه إلى آخره. فليراجع.
فصل
• قال ابن حزم: ومن طريق مسلم بن الحجاج حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت: جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم حتى وضعت رأسي على منكبه، فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي انصرفت عن النظر.
والجواب: أن يقال: ليس في هذا الحديث متعلق لابن حزم فيما ذهب إليه من استحلال الغناء والمعازف؛ لأن الحبشة لم يكونوا يغنون