ولا يستعملون آلات الملاهي كالدفوف والمزامير، وإنما كانوا يلعبون بحرابهم ودرقهم، كما سيأتي بيانه، وذلك جائز، وقال بعض العلماء: إنه مندوب إليه؛ لما فيه من التدريب على استعمال آلات الحرب والتمرين على الكر والفر، والطعن والضرب. قال الحافظ ابن حجر في [فتح الباري]: اللعب بالحراب ليس لعباً مجرداً، بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو. انتهى. وأيضاً فإن اليوم الذي لعبت الحبشة فيه كان يوم عيد ومثله يتسامح فيه للصغار ونحوهم في اللعب الذي لا بأس به. وأيضاً فإن في لعب الحبشة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم حكمة قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم. فروى السراج من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ: «لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة»، وفي الصحيحين من طريق محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: وكان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدَّرَقِ والحِرَاب، فإما سَألْتُ النبي صلى الله عليه وسلم، وإمَّا قال: «أتشتهين تنظرين؟» قلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: «دونكم يا بني أرفده» حتى إذا مللت قال: «حسبك» قلت: نعم، قال: «فاذهبي». وقد ترجم البخاري على هذا الحديث بقوله: (باب الحراب والدَّرَق يوم العيد) قال الزين بن المنير في قوله: يلعب فيه السودان بالدرق والحراب: سماه لعباً وإن كان أصله التدريب على الحرب وهو من الجد؛ لما فيه من شبه اللعب؛ لكونه يقصد إلى الطعن ولا يفعله ويوهم بذلك قرنه ولو كان أباه أو ابنه. انتهى. وفي الصحيحين أيضاً من طريق الزهري عن عروة عن عائشة