فكنت أطلع عليهم من فوق عاتقه، فما زلت أنظر إليهم حتى كنت أنا التي انصرفت. وقد ترجم عليه النسائي بقوله: (باب اللعب بين يدي الإمام يوم العيد). ومن جمع بين طرق هذا الحديث علم يقيناً أنه لا متعلق فيه لمبطل بوجه من الوجوه، لا لابن حزم الذي استدل به على إباحة الغناء والمعازف، ولا لجهلة الصوفية الذين يستدلون به على حل الرقص. وقد نقل الشيخ إبراهيم بن محمد الحلبي الحنفي في رسالة له في ذم الرقص عن الشيخ إسماعيل بن المقري اليمني الشافعي أنه قال في قصيدة له يرد فيها على جهلة الصوفية الذين يستدلون بفعل الحبشة على جواز الرقص:
قالوا رقصنا كما الأحبوش قد رقصوا ... بمسجد المصطفى قلنا بلا كذب
الحبش ما رقصوا لكنهم لعبوا ... من آلة الحرب بالآلات واليلب
وذلك اللعب مندوب تعلمه ... في الشرع للحرب تدريباً لكل غبي
قلت: وأملى علي شيخنا عبد الله بن عبد العزيز العنقري رحمه الله تعالى أبياتاً في ذم الرقص والغناء وآلات الملاهي، وذكر أنها لابن دقيق العيد. والذي يغلب على ظني أنها من قصيدة الشيخ إسماعيل بن المقري اليمني، وهي هذه:
النقر بالطار والتشبيب بالقصب ... شيئان قد جعلا للهو واللعب
ويطربان فلا تصغي لصوتهما ... فالشرع قد منع الإصغاء للطرب
يا أهل صوف ويا من في الورى خلقوا ... هل أنزل الرقص في القرآن والكتب
أو هل سمعتم بأن الله قال لنا ... أن اعبدوني بنقر الطار والطرب
أو كان أنزل صديقاً بطقطقة ... على العباد فمن ذا يقس يَخب