كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

ثم ذكر حال السلف الصالح فقال:
ما صفق القوم لا ولا هم رقصوا ... وما لهم في الغناء والرقص من أرب
وإنما القوم في خوف وفي وجل ... ما بين باكٍ وأواهٍ ومنتحب
وفي الدياجي سجود لا هجوع لهم ... سالت دموعهم خوفاً من الغضب
فهذه شيمة القوم الذين مضوا ... والرقص من شيم الأقراد والدبب
إن ينقر الطار أضحوا يرقصون له ... شبه البغال على الأقدام والركب

فصل

• قال ابن حزم: وروينا من طريق سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن عامر بن سعد البجلي: أنه رأى أبا مسعود البدري، وقرظة ابن كعب، وثابت بن يزيد وهم في عرس وعندهم غناء، فقلت لهم: هذا وأنتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم! فقالوا: إنه رخص لنا في الغناء في العرس، والبكاء على الميت من غير نوح. ليس فيه النهي عن الغناء في غير العرس.
والجواب: أن يقال: هذا الحديث ليس فيه حجة لابن حزم، وإنما هو حجة عليه، وبيان ذلك من وجوه:
أحدها: أن إنكار عامر بن سعد على أبي مسعود وصاحبيه رضي الله عنهم سماع الغناء يدل على أن المنع من الغناء كان متقرراً عند الصحابة والتابعين، ومعروفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ولولا ذلك لما أنكر عامر على الصحابة ما سمع عندهم.

الصفحة 361