كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

فصل

• قال ابن حزم: ومن طريق حماد بن زيد حدثنا أيوب السختياني وهشام بن حسان وسلمة هو ابن كهيل دخل حديث بعضهم في حديث بعض، كلهم عن محمد بن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ، فأتى إلى عبد الله بن جعفر، فعرضهن عليه، فأمر بجارية منهن فأخذت، قال أيوب: بالدف، وقال هشام: بالعود، حتى ظن ابن عمر أنه قد نظر إلى ذلك، فقال ابن عمر: حسبك سائر اليوم من مزمور الشيطان، فساومه، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، إني غبنت بسبعمائة درهم، فأتى ابن عمر إلى عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيها إياه، فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعى في بيع المغنية. وهذه أسانيد صحيحة لا تلك الملفقات الموضوعة.
والجواب عن هذا من وجوه:
أحدها: أن يقال: هذا أثر لم يثبت، والأحرى به أن يكون من وضع المفتونين بالغناء والمعازف.
يوضح ذلك الوجه الثاني: أنه قد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سد أذنيه، ونأى عن الطريق لما سمع زمارة الراعي. وروي عنه أيضاً أنه فعل مثل ذلك لما سمع صوت الطبل. وروي عنه أيضاً أنه مر على قوم محرمين وفيهم رجل يتغنى، فقال: ألا لا سمع الله لكم، ألا لا سمع الله لكم، وروي عنه أيضاً أنه مر على جارية صغيرة تغني، فقال: إن

الصفحة 363