يكن السفهاء في زماننا يفعلون مثل هذا، وإنما كانوا يفعلون الأفعال المحرمة التي ترضي الشيطان، وتدعو إلى سخط الرحمن؛ كالرقص والضرب بالدفوف على أوقاع الألحان، مع الغناء بالأغاني الرقيقة والألحان المطربة الأنيقة التي تستفز العقول، وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتفعل بالمغنيات ومن يستمع إليهن من رجال ونساء أعظم مما تفعله الخمر بأهلها. وربما اختلط النساء عندهم بالرجال الأجانب. وربما جمع بعضهم جمعاً من سفل الرجال وسقطهم فيضربون بالدفوف ويغنون، ويتمايلون كما يتمايل السكارى والمجانين. وكل هذا لا يجوز؛ لأنه سفه ورعونة، ولا تليق هذه الأفعال بمن له عقل ومروءة. وأيضاً فإن هذه الأفعال تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ففيها شبه قوي من الخمر والميسر، بل قال القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة المشهورين: كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة فهو ميسر. رواه ابن جرير، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (¬1). وأيضاً فإن الرقص من المرح والأشر والبطر، ومقابلة نعم الله تعالى بضد الشكر، وقد قال الله تعالى: {وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً} الآية (¬2). وروى البخاري في [الأدب المفرد] عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأشرة شر» قال أبو
¬__________
(¬1) سورة المائدة، الآيتان 90، 91.
(¬2) سورة الإسراء، الآية 37.