كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

قال البغوي: يعني: إذا مروا بمجالس اللهو والباطل مروا كراماً مسرعين معرضين.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: المعنى: لا يحضرون مجالس الباطل، وإذا مروا بكل ما يلغى من قول وعمل أكرموا أنفسهم أن يقفوا عليه أو يميلوا إليه، ويدخل في هذا أعياد المشركين - كما فسرها به السلف - والغناء وأنواع الباطل كلها.
قال: وتأمل كيف قال سبحانه: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} ولم يقل بالزور؛ لأن {يَشْهَدُونَ} بمعنى: يحضرون فمدحهم على ترك حضور مجالس الزور، فكيف بالتكلم به وفعله، والغناء من أعظم الزور؟ انتهى.
وروى ابن جرير وابن أبي حاتم واللفظ له عن إبراهيم بن ميسرة: أن ابن مسعود رضي الله عنه مر بلهوٍ فلم يقف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريماً»، ثم تلا إبراهيم بن ميسرة: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}.

الآية الثالثة: قوله تعالى: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنتُمْ سَامِدُونَ} (¬1).
قال الجوهري: السمود: اللهو، والسامد: اللاهي والمغني، يقال للقينة: أسمدينا: أي ألهينا بالغناء وغنينا.
وقال ابن منظور في [لسان العرب]: سمد سموداً لها،
¬__________
(¬1) سورة النجم، الآيات 59 - 61.

الصفحة 37