كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

ولاة الأمور المنع من الغناء والرقص والضرب بالدفوف واختلاط النساء بالرجال الأجانب؛ لأن هذه الأفعال كلها من المنكرات، وسواء في ذلك العرس والعيد وقدوم السلطان وغير ذلك من الأوقات.
فإن احتج أحد من السفهاء على أفعالهم الذميمة بشيء من الأحاديث التي تقدم ذكرها في الأمر بإعلان النكاح والضرب فيه بالدف.
فالجواب: أن ذلك خاص بالجواري الصغار فلهن أن يضربن بالدفوف من غير توقيع على ألحان الغناء، ولهن أن ينشدن الأشعار العربية التي لا بأس بها من غير تلحين وتطريب، ولهن أن يقلن: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم. فهذا وما أشبه جائز للجواري، وهو الذي كان يفعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن اقتصر على هذا ولم يكن هناك اختلاط النساء بالرجال الأجانب فلا بأس به. ومن تعدى ذلك إلى المحرمات التي تقدم ذكرها فإنه يجب الإنكار عليه ومنعه. وكذلك إن احتج أحد من السفهاء على جواز الغناء والضرب بالدفوف في أيام العيد بفعل الجاريتين عند عائشة رضي الله عنها. قيل لهم: هذا خاص بالجواري الصغار، فلهن أن يفعلن كفعل الجاريتين وهو إنشاد الأشعار العربية التي لا بأس بها من غير تلحين وتطريب، والضرب بالدف من غير توقيع على الألحان. ومن تعدى ذلك إلى ما لا يجوز فالواجب منعه. وأما الرجال فلا يرخص لهم في شيء من ذلك. قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: أما من يصلح له اللعب فيرخص له في الأعياد كما كانت الجاريتان تغنيان والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع. فمن استدل بجواز الغناء للصغار في يوم العيد على أنه مباح للكبار من

الصفحة 371