كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

أنهما كانا يحسنان اللعب بالشطرنج، وعن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يغني بالعود.
والجواب: أن يقال: أما سعيد بن جبير فقد روي ذلك عنه، وله سبب، قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: وما يروى عن سعيد بن جبير من اللعب بالشطرنج فقد بين سبب ذلك: وهو أن الحجاج طلبه للقضاء فلعب بها؛ ليكون ذلك قدحاً فيه فلا يولى القضاء؛ وذلك لأنه رأى ولاية الحجاج أشد ضرراً عليه في دينه من ذلك، والأعمال بالنيات، وقد يباح ما هو أعظم تحريماً من ذلك لأجل الحاجة. وهذا يبين أن اللعب بالشطرنج كان عندهم من المنكرات، كما نقل عن علي وابن عمر وغيرهما. انتهى. وقد تقدم ما رواه أبو داود في [كتاب المسائل] عن سعيد بن جبير أنه كان إذا مر على أصحاب النردشير لم يسلم عليهم، وهذا يدل على أنه كان يرى اللعب بالنرد من المنكرات. والشطرنج في معنى النرد، كما تقدم بيانه. وأما ابن سيرين فلم يثبت عنه أنه لعب بالشطرنج، ولم أر من ذكر ذلك عنه سوى ابن حزم، وفي صحة ذلك عنه بُعْدٌ. ومن ادعى صحة ذلك عنه فعليه إبراز الإسناد الصحيح إليه. وأما سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فقد وهم ابن حزم فيما نسبه إليه، وإنما ذكر العلماء عن ابنه إبراهيم بن سعد أنه كان لا يرى بالغناء بأساً. قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى: أخبرنا هبة الله بن أحمد الحريري قال: أنبأنا أبو الطيب الطبري قال: أما مالك بن أنس فإنه نهى عن الغناء وعن استماعه، وقال: إذا اشترى جارية مغنية كان له ردها بالعيب، وهو مذهب سائر

الصفحة 374