الثالث: أنه أدخله في كتابه المسمى بـ[الصحيح] محتجاً به، فلولا صحته عنده لما فعل ذلك.
الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض، فإنه إذا توقف في الحديث أو لم يكن على شرطه يقول: ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويذكر عنه، ونحو ذلك، فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جزم وقطع بإضافته إليه.
الخامس: أنا لو ضربنا عن هذا كله صفحاً، فالحديث صحيح متصل عند غيره.
ثم ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى رواية أبي داود له بإسناده المتصل، قال: ورواه أبو بكر الإسماعيلي في كتابه [الصحيح] مسنداً، فقال أبو عامر: ولم يشك.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في موضع آخر: وأما أبو محمد - يعني ابن حزم - فإنه على قدر يبسه وقسوته في التمسك بالظاهر وإلغائه للمعاني والمناسبات والحكم والعلل الشرعية إنماع في باب العشق والنظر وسماع الملاهي المحرمة، فوسع هذا الباب جداً وضيق باب المناسبات والمعاني والحكم الشرعية جداً، وهو من انحرافه في الطرفين حين رد الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في تحريم آلات اللهو بأنه معلق غير مسند، وخفي عليه أن البخاري لقي من علقه عنه وسمع منه وهو هشام بن عمار، وخفي عليه أن الحديث قد أسنده غير واحد من أئمة الحديث غير هشام بن عمار فأبطل سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مطعن فيها بوجه.