قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ووجه الدلالة منه أن المعازف هي آلات اللهو كلها لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك، ولو كانت حلالاً لما ذمهم على استحلالها ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والخز.
قلت: وفيه أيضاً دليل على تحريم الغناء لدخوله في مسمى العزف، كما سيأتي بيانه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» قال ابن العربي: يحتمل أن يكون المعنى: يعتقدون ذلك حلالاً، ويحتمل أن يكون ذلك مجازاً على الاسترسال.
قلت: يعني: أنهم يسترسلون في ركوب الفرج الحرام والحرير وشرب الخمر واستماع المعازف كما يسترسلون في الاستمتاع بالشيء الحلال.
وكلا الأمرين واقع في زماننا: الاسترسال واعتقاد الحل، ولا سيما في لبس الحرير وشرب بعض أنواع الخمر واستماع المعازف.
والحِر - بالحاء المهملة المكسورة وبالراء الخفيفة -: وهو الفرج، وقال الجوهري: الحر مخفف، أصله حرح؛ لأن جمعه أحراح، والمعنى: أنهم يستحلون الزنا. قال ابن التين: يريد ارتكاب الفرج بغير حله.
وأما المعازف: فهي جمع معزف، ويقال أيضاً: معزفة، بكسر الميم وفتح الزاي فيهما، قال الجوهري: المعازف: الملاهي، والعازف: اللاعب بها والمغني، وقد عزف عزفاً، قال ابن منظور: وعزف الدف صوته، قال ذو الرمة: (عزيف كتضراب المغنين بالطبل)، قال: وكل