كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

أوتيت مزماراً من مزامير آل داود».
قلت: المزمار يطلق ويراد به الصوت الحسن، كما في قوله: «لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود».
ويطلق ويراد به الغناء، كما في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني وقال: مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم. الحديث.
ويطلق ويراد به الآلة التي يزمر بها، كما سيأتي في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في زمارة الراعي.
وكذلك كل ما له نغمة وصوت مطرب كالجرس؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «الجرس مزامير الشيطان».
وكذلك الدف وسائر آلات اللهو والطرب فكلها من مزامير الشيطان.
وكما أن اللعن يتناول صوت آلات اللهو وصوت الغناء فكذلك التحريم شامل لهما، والله أعلم.
وقد دل هذا الحديث على أن الغناء واستعمال المعازف والمزامير كبيرة من الكبائر؛ لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة.
ويدل على ذلك أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن استحلالها باستحلال الزنا وشرب الخمر ولبس الحرير في حق الذكور، كما تقدم ذلك في حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري رضي الله عنه، وقرنها أيضاً بالنياحة كما في حديث أنس وحديث جابر الذي سيأتي بعد هذا.

الصفحة 48