ومعلوم عند الخاصة والعامة أن فتنة سماع الغناء والمعازف أعظم من فتنة النوح بكثير.
والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف وآلات اللهو في قوم وفشت فيهم واشتغلوا بها إلا سلط الله عليهم العدو، وبلوا بالقحط والجدب وولاة السوء، والعاقل يتأمل أحوال العالم وينظر. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
الوجه الرابع: ما رواه وكيع بن الجراح عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نهيت عن صوتين فاجرين: صوت عند مصيبة خمش وجه وشق جيوب، وصوت عند نعمة لعب ولهو ومزامير الشيطان» إسناده حسن.
وقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده فقال: حدثنا أبو عوانة عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النخل ومعه عبد الرحمن بن عوف، فانتهى إلى ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه، فوضع الصبي في حجره، فبكت عائشة، فقال له عبد الرحمن: أتنهانا عن البكاء؟ قال: «لم أنه عن البكاء، إنما نهيت عن صوتين فاجرين: صوت مزمار عند نعمة مزمار شيطان ولعب، وصوت عند رنة مصيبة شق الجيوب ورنة شيطان، وإنما هذه رحمة» إسناده صحيح.
ورواه الترمذي في جامعه فقال: حدثنا علي بن خشرم، أخبرنا عيسى ابن يونس عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عبد الرحمن بن عوف فانطلق به إلى ابنه إبراهيم، فوجده يجود بنفسه، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره فبكى، فقال