كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

الحديث الصحيح، فإن لم يستفد التحريم من هذا لم نستفده من نهي أبداً.
قلت: والصحيح من قولي العلماء أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم على التحريم إلا ما عرفت إباحته، وقد نقل هذا عن مالك والشافعي، وهو قول الجمهور واختاره البخاري رحمه الله تعالى، قال في آخر كتاب الاعتصام من صحيحه: باب: نهي النبي صلى الله عليه وسلم على التحريم إلا ما تعرف إباحته، قال الحافظ ابن حجر: أي بدلالة السياق، أو قرينة الحال، أو قيام الدليل على ذلك. انتهى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وقد اختلف في قوله: لا تفعل، وقوله: نهيت عن كذا، أيهما أبلغ في التحريم؟
والصواب بلا ريب: أن صيغة نهيت أبلغ من التحريم؛ لأن لا تفعل يحتمل النهي وغيره بخلاف الفعل الصريح، فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه صوتاً أحمق فاجراً، ومزمور الشيطان، وجعله النياحة - التي لعن فاعلها - أخوين، وأخرج النهي عنهما مخرجاً واحداً، ووصفهما بالحمق والفجور وصفاً واحداً؟! انتهى.
الوجه الخامس: ما رواه الإمام أحمد والبخاري في تاريخه بأسانيد جيدة عن معاوية رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى عن النوح والشعر والتصاوير وجلود السباع والتبرج والغناء والذهب والخز والحرير).
الوجه السادس: ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن زكريا بن عدي

الصفحة 52