كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

عنهما؛ لأنه حالة ضرورة، ولا يمكن إلا ذاك، وقد تباح المحظورات للضرورة، قال: ومن رخص في ذلك - أي: فأباح الشبابة - فهو مخالف للسنة. انتهى.
قال ابن حجر الهيتمي: وبهذا الحديث استدل أصحابنا على تحريم المزامير، وعليه بنوا التحريم في الشبابة التي هي من جملة المزامير، بل أشدها طرباً.
ومما يدل على حرمتها: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ضرب الدف، ولعب الصنج، وضرب الزمارة. انتهى.
وقد احتج قوم بحديث ابن عمر رضي الله عنهما على إباحة المزمار، وقالوا: لو كان حراماً لمنع النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر من استماعه، ومنع ابن عمر نافعاً من استماعه، ولأنكر على الزامر بها.
وقد خطأ العلماء من ذهب إلى هذا المذهب كابن طاهر وابن حزم وأضرابهما، وردوا شبهتهم بأمور:
منها: أن المحظور قصد الاستماع دون السماع، وهو مجرد إدراك الصوت، فإنه يحصل بغير اختيار السامع، وذلك لا يدخل تحت التكليف.
وابن عمر رضي الله عنهما لم يكن مستمعاً، وإنما كان سامعاً؛ فلهذا لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بسد أذنيه، وقد قرر هذا المعنى غير واحد من العلماء.
قال الشيخ أبو محمد المقدسي رحمه الله تعالى في [المغني]: المحرم استماعها - يعني المزامير - دون سماعها، والاستماع غير

الصفحة 58