كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

إلى درجة التحريم، فإنه لا طرب فيها بخلاف المزامير المطربة كالشبابات الموصلة. انتهى.
وتقرير قوله: أن صفارة الراعي ليست من المزامير المطربة فلم تبلغ إلى درجة التحريم، وما لم يبلغ إلى درجة التحريم فإنه لا يتعين الإنكار على فاعله؛ ولهذا سد النبي صلى الله عليه وسلم أذنيه عند سماعها؛ طلبا للأكمل والأفضل ولم ينكر على الراعي، والله أعلم.
الوجه التاسع: قال ابن ماجه في سننه: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا الفريابي عن ثعلبة بن أبي مالك التميمي عن ليث عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما فسمع صوت طبل، فأدخل أصبعيه في أذنيه، ثم تنحى حتى فعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. إسناده حسن، وقد تقدم الكلام في ليث بن أبي سليم وأن البخاري روى له تعليقاً، وروى له مسلم مقروناً بغيره، وهذا يقتضي قبول حديثه، وما في هذا الحديث فهي قضية أخرى غير التي ذكرها نافع، والله أعلم.
الوجه العاشر: قال البخاري رحمه الله تعالى في [الأدب المفرد]: (باب الغناء واللهو)، ثم ساق في الباب أحاديث منها: ما رواه هو والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لست من دَدٍ ولا الدَّد مني بشيء» يعني: ليس الباطل مني بشيء.
قال الجوهري والهروي: الدد: اللهو واللعب، وقال أبو عمرو: الدادي: المولع باللهو الذي لا يكاد يبرحه، نقله عنه ابن منظور في [لسان العرب].

الصفحة 63