كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

وقد استدل القرطبي بهذا الحديث على تحريم الغناء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منه، وما تبرأ منه فهو حرام.
وظاهر صنيع البخاري يوافق هذا الاستدلال، فإنه ترجم للغناء واللهو، ثم ذكر هذا الحديث وغيره من الأحاديث الدالة على ذم الغناء والمنع منه.
الوجه الحادي عشر: ما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل ما يلهو به الرجل المسلم باطل، إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق» قال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفيه دليل على أن الغناء من شعب الضلال؛ لقول الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ} (¬1).
وقد استدل به القرطبي على تحريم الغناء؛ لأنه لم يرخص في شيء منه إلا في هذه الثلاثة، فيحرم ما سواها من اللهو؛ لأنه باطل. انتهى.
الوجه الثاني عشر: ما رواه الإمام أحمد من حديث عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد الألهاني عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين، وأمرني أن أمحق المزامير والكبارات - يعني: البرابط - والمعازف والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية».
¬__________
(¬1) سورة يونس، الآية 32.

الصفحة 64