كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً: لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت.
وقد ذكر الخطابي رحمه الله تعالى في تأويل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع القلائد ثلاثة وجوه، أقربها: أنه إنما أمر بقطعها؛ لأنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس، قال الحافظ ابن حجر في [فتح الباري]: وعليه يدل تبويب البخاري رحمه الله تعالى، قال: والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني بلفظ: لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع. انتهى.
ومن دقة فهم البخاري رحمه الله تعالى وجودة فهمه وحسن ترتيبه أنه يجمع بين طرق الحديث إذا كان بعضها على شرطه يجعله ترجمة، أو يشير إليه في الترجمة، ثم يستدل على حكمه بما كان على شرطه، ومن ذلك صنيعه في هذا الباب فإنه أشار إلى ما ورد في قطع الجرس في بعض طرق حديث أبي بشير رضي الله عنه، ثم استدل على وجوب قطعه بالطريق التي على شرطه.
السابعة: النص على أن الجرس مزامير الشيطان، وهذه هي العلة التي من أجلها منع من اتخاذ الأجراس، ووجب قطعها، وامتنعت الملائكة من مرافقة من هي معه، والدخول على من هي في بيته، وقد علل بعض العلماء ههنا بتعاليل غير جيدة، ولا ينبغي العدول عن التعليل المنصوص عليه في الحديث الصحيح إلى غيره، بل القول بالمنصوص عليه هو المتعين.
وإنما كان الجرس من مزامير الشيطان؛ لما في صوته من النغمة

الصفحة 70