كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

وإذا كان المتلهى بالنرد عاصياً لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن تلهى بما هو شر منها من الأغاني الخليعة، والأصوات الموسيقية، وأنواع الملاهي التي هي كالخمر في الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة!؟. فالمكبون على هذه الملاهي ولا سيما التي تذاع الآن في الإذاعات إن لم يكونوا أعظم معصية من أصحاب النرد فليسوا دونهم، والله أعلم.
وهذا ما تيسر إيراده من الأحاديث الجياد الدالة على تحريم الغناء وآلات اللهو والطرب، وهي تفيد العلم القطعي بالتحريم عند كل من نَوَّر الله قلبه بنور العلم والإيمان، ورزقه العصمة من اتباع الهوى والشهوات.
ولو لم يكن منها إلا حديث عبد الرحمن بن غَنْم لكفى به حجة على تحريم الغناء والمعازف.
وإنما سبقت هذه الأحاديث الكثيرة ليعلم أبو تراب ومن لف لفيفه أنهم قد نبذوا الحق وراء ظهورهم، واغتروا بزخارف ابن حزم وأمثاله من الذين اتبعوا أهواءهم في باب الملاهي، وأكثروا من التمويه على الجهلة الأغبياء. ومن تأمل حججهم وأقوالهم في الغناء والمعازف وجدها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وسأبين تهافتهم وتناقضهم فيما بعد إن شاء الله تعالى.

الصفحة 73