كتاب فصل الخطاب في الرد على أبي تراب

وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ولما عَلَّم الله رسوله القرآن، وهو كلامه صانه عن تعليم قرآن الشيطان، وأخبر أنه لا ينبغي له، فقال: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي} (¬1).
قال: وأما كون المزمار مؤذنه ففي غاية المناسبة، فإن الغناء قرآنه، والرقص والتصفيق اللذين هما المكاء والتصدية صلاته، فلا بد لهذه الصلاة من مؤذن وإمام ومأموم، فالمؤذن: المزمار، والإمام: المغني، والمأموم: الحاضرون. انتهى.
وروى الطبراني عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره إلا ردفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه إلا ردفه شيطان». قال المنذري والهيثمي: إسناده حسن.
وفي هذا الحديث والأحاديث الثمانية قبله ذم الشعر، وبيان أنه من الباطل، ومن مزامير الشيطان ونفثه. ويؤخذ منها ذم الغناء بطريق الأولى؛ لأنه من سخيف الشعر ووضيعه مع زيادة التلحين والتطريب به وذلك مما يزيده شراً إلى ما فيه من الشر من قبل، ولأنه من أعظم الدواعي إلى الفجور، ومن أعظم ما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فهو والخمر أخوان، ورضيعا لبان.
ومما يدل على ذم الغناء أيضاً ما رواه الإمام أحمد، والبزار، والطبراني في [الكبير] عن شداد بن أوس رضي الله عنهما قال: قال
¬__________
(¬1) سورة يس، الآية 69.

الصفحة 98