كتاب تفسير العثيمين: الصافات

التاء هي أقلها استعمالًا وتختص بالظاهر، وتختص أيضًا بأسماء معينة، وهي: الله ورب، قال ابن مالك: والتاء لله ورب. فتقول: تالله لأفعلنَّ كذا، وتقول: ترب الكعبة لأفعلنَّ كذا، أو تالرب لأفعلنَّ كذا، ولا يذكر معها فعل القسم، فهي أضيقها استعمالًا.
{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١)} الصافات اسم مجرور بواو القسم؛ لأن حروف القسم تجر. والصافات لها معنى ولها مراد، فما دل عليه اللفظ باعتبار اللغة فهو معنى، وما كان مرادًا للمتكلم فهو المراد.
والمعنى في الصافات يعني الأشياء القائمات على خط واحد مستقيم، فكل شيء متعدد يقوم على خط واحد مستقيم يسمى صافًّا، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ} [الصف: ٤] يعني على خط مستقيم. هذا المعنى للصافات.
لكن ما المراد به؟ قال المؤلف: [الملائكة]، وأُنِّثت باعتبارها جماعات. وجماعات مؤنث.
وقد أخذ الزائغون بهذا الاشتباه أي تأنيث الملائكة، وقالوا: إن الملائكة بنات الله، ولهذا تذكر بصيغة التأنيث، ولكن لا شك أن هذا من باب التلبيس والتشبيه. فإن الله تعالى ذكر الملائكة بصيغة المذكر {وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ} [الشورى: ٥] ولم يقل: يسبحن بحمد ربهن، وعلى كل حال أنثت الملائكة باعتبارها جماعات؛ لأن الملائكة -عليهم الصلاة والسلام- جماعات مختلفة، كل جماعة لها وظيفة معينة، فمنها من وظيفتهم العبادة الخاصة لله من التسبيح والركوع

الصفحة 10