كتاب تفسير العثيمين: الصافات

الأنهار تأتي من نحل، لكن تأتي بقول الله: كن فيكون، عسل مصفى لا شمع فيه ولا شوائب من أحسن ما يكون رؤية وطعمًا ورائحة. وقد قال ابن القيم -رحمه الله- في النونية بناء على حديث ورد في ذلك:
أنهارها في غير أخدود جرت ... سبحان ممسكها عن الفيضان
يعني: ليست كأنهار الدنيا تحتاج إلى أخدود تمنعها من الذهاب يمينًا وشمالًا، أو حفرة تحفر للنهر؛ لئلا تجري على سطح الأرض، بل على حسب ما يريده أهلها من غير عمال يوجهونها حفرًا أو إقامة أخدود، بل تجري على ما تريد من غير تعب.
قال: سبحان ممسكها عن الفيضان. والذي أمسك البحر أن يغرق أهل الأرض -وهو ليس بشيء بالنسبة للجنة- قادر على أن يمسك هذه الأنهار لا تزيغ يمينًا ولا شمالًا.
الفوائد:
في هذه الآيات فوائد كثيرة منها:
١ - أن هؤلاء المكذبين أو المستكبرين عن قول (لا إله إلا الله) سيذوقون العذاب لقوله: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو} وهذه الجملة مؤكدة بمؤكدين وهما: إن، واللام.
٢ - ومن فوائدها: أن عذاب هؤلاء عذاب مباشر، كما يباشر الإنسان الأكل لقوله: {لَذَائِقُو الْعَذَابِ}، والأصل فى الذوق أن يكون في الطعام الذي يؤكل، ثم أُطْلِقَ على كل شيء محقق وقوعه.

الصفحة 100