كتاب تفسير العثيمين: الصافات

٣ - ومن فوائدها: أن عذاب هؤلاء -والعياذ بالله- أليم أي: مؤلم، وهو ألم لا يمكن للأبدان في الدنيا أن تتحمل جزءًا منه؛ لأنهم -والعياذ بالله- يعذبون بنار أشد من نار الدنيا بتسعة وستين جزءًا، وكلما نضجت جلودهم بُدِّلوا جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب. فهو عذاب أليم ألمًا لا نظير له في الدنيا، ولا يمكن أن يتخيله الإنسان لشدته، نسأل الله أن يجيرنا منه.
٤ - ومن فوائدها: كمال عدل الله -عز وجل- حيث جعل الجزاء من جنس العمل، لقوله: {وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} بخلاف الملوك في الدنيا أو أولياء الأمور في الدنيا فإن جزاءهم على العمل قد يكون أكثر مما يستحق، قد يغضب الإنسان فيجازي من له سلطة عليه بأكثر مما يستحق، أما الله -عز وجل- فإنه لا يجازي الإنسان إلا بعمله.
٥ - ومن فوائدها: إثبات الجزاء، ولازمه إثبات البعث؛ لأن الجزاء الكامل على العمل إنما يكون يوم القيامة فيكون في الآية دليل على إثبات البعث وإثبات الجزاء.
٦ - ومن فوائدها: الرد على الجبرية الذين يقولون: إن عمل الإنسان لا ينسب إليه؛ لأنه مجبر عليه فتحرك الإنسان بالقول أو بالفعل كتحركه الاضطراري، بل كتحرك الريشة بالهواء، ولكن هذا القول ترده النصوص والعقول.
٧ - ومن فوائدها: أن القرآن مثاني، تثنى فيه المعاني، حتى يكون الإنسان بين الخوف والرجاء فيما إذا ثني الترغيب والترهيب كما في هذه الآيات {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)}.

الصفحة 101