كتاب تفسير العثيمين: الصافات

كالأنعام، بل هم أضل، وأما العباد لله تَعبُّد شَرْع فإن هؤلاء هم المخلصون.
١١ - من فوائدها: أن هؤلاء المخلصين لهم عطاء عند الله -عز وجل- معلوم عنده وعندهم {أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١)} فإن الله تعالى أخبر عباده بما ينالونه يوم القيامة من أنواع الثواب.
فإن قال قائل: هل هو معلوم بالحقيقة أو بالمعنى؟
فالجواب: أنه معلوم بالمعنى، أما الحقيقة فليس بمعلوم يعني: أننا لا نعلم كنه هذا النعيم، أو هذا الرزق، لقول الله تعالى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)}. [السجدة: ١٧].
ولقوله تعالى في الحديث القدسي: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (¬١).
إذًا لا نعلم من نعيم الآخرة إلا الأسماء فقط، أما الحقائق فإنها ليست معلومة، كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "ليس في الجنة شيء مما في الدنيا إلا الأسماء" (¬٢)، لكن الحقائق تختلف اختلافًا عظيمًا.
فهو معلوم المعنى لا معلوم الحقيقة والكنه؛ لأن ذلك لا يدرك إلا بحق اليقين.
---------------
(¬١) تقدم ص ٩٩.
(¬٢) أخرجه الطبري في تفسيره (للآية ٢٥ من سورة البقرة)، وابن أبي حاتم في تفسيره للآية المذكورة، وأبو نعيم في (صفة الجنة) ١٢٤.

الصفحة 103