كتاب تفسير العثيمين: الصافات

قوله: {فِي جَنَّاتٍ} ولكنها تشترك كلها في أنها جنات نعيم.
١٦ - ومن فوائدها أيضًا: أن الجنة كلها نعيم، نعيم للبدن، ونعيم للقلب، فنعيم القلب بالسرور والانبساط والفرح الدائم الذي لا يعتريه هم ولا غم ولا حزن، والبدن {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١)} [الإنسان: ١١] {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (٨) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩)} [الغاشية: ٨ - ٩] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على تنعم نفس البدن، وما يلبسه أيضًا من الزينة والحلي كذلك منعم فيه.
١٧ - ومن فوائدها: سعة محلات أهل الجنة لكونهم متقابلين على السرر؛ لأن التقابل يؤدي إلى سعة المكان لاسيما مع كثرتهم.
١٨ - ومن فوائدها: كمال أدب أهل الجنة حيث كانوا يتقابلون بحيث لا يقفو أحدهم الآخر، بل كلهم يكونون مستقبلي بعضهم بعضًا. وهذا لا شك أنه من كمال الأدب. والأدب كما أنه حسن في أهل الجنة فهو حسن في أهل الدنيا أيضًا، قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤] ولا شك أن الإنسان إذا كان مؤدبًا كان محبوبًا عند الناس، فالجفاء وعدم المبالاة بالناس خلق ذميم، ومن ثم ننظر في مسائل نعملها:
الأولى: مسألة السلام نجد كثيرًا من الناس مع أنهم حريصون على العبادة لكنهم لا يبالون بالسلام لا ابتداء ولا ردًّا، وهذا خلاف حال المؤمن مع أخيه، فمن حق المسلم على أخيه إذا لقيه أن يسلم عليه، ويسلم عليه سلامًا حقيقيًّا مقرونًا بالبشاشة، أما أن يسلم عليه برأس أنفه لولا حرف الصفير ما علمت أنه يسلم، فهذا

الصفحة 105