كتاب تفسير العثيمين: الصافات

ليس بسلام، وأقبح من ذلك أن يسلم الإنسان على أخيه بصوت بين واضح المخارج مسموع، ثم يرد ذلك عليه بصوت لا يسمع، بل يرد عليه بأنفه أو بيده .. فإن هذا لا شك أنه حرام عليه؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦] فلابد أن يكون إما مثل وهو أدنى الواجب، أو أحسن وهو الأكمل.
الثانية: نجد بعض الناس يستدبر إخوانه ولا يهتم بهم، وهذا خطأ، ولا ينبغي، وأنا أراه بعض الأحيان إذا سلمت من الصلاة يأتي واحد من الناس يتقدم ما يشعر أن وراءه بشر مثله لماذا تتقدم عليه؟ هذا مما يوجب اختلاف القلوب، ولهذا قال الرسول -عليه الصلاة السلام- في القوم عند صف الصلاة قال: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" (¬١) فجعل الاختلاف في التقدم والتأخر سببًا لاختلاف القلوب، أنا لو كنت بجنب هذا الرجل شعرت بأن هذا الرجل أهانني، حيمث تقدم عليَّ وولاني ظهره.
ويتعلل بعض الناس بأنه فيه ضيق وأنه يحب أن يريح رجليه، فيتقدم ليتربع.
فنقول: إذا كنت هكذا: إما أن تتقدم كثيرًا ثم تكون بعيدًا وإما أن تتأخر. يقول: لا أقدر أتأخر؛ لأن ورائي صفًّا يقضون الصلاة، نقول: إذن قم وتقدم بعيدًا حتى لا تستدبر الناس، أما أن تستدبر عباد الله بعد أن فرغوا من الصلاة وتجعلهم وراء ظهرك
---------------
(¬١) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها ... (رقم ٤٣٢) (١٢٢).

الصفحة 106