كتاب تفسير العثيمين: الصافات

قال الله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} يعني ليس في هذه الكأس، والمراد الخمر الذي فيها غول، ورفعت غول مع أن (لا) نافية؛ لأنه يشترط لعملها عمل (إنّ) الترتيب، يعني أن يتقدم الاسم على الخبر، فإن تأخر وجب الرفع، وقوله {غَوْلٌ} أي: [ما يغتال عقولهم]، ففسر المؤلف الغول بأنه ما يؤثر على العقل. أي يسكرون، والسكر هو اغتيال العقل، فالقول الراجح في هذه الآية أن المراد بالغول ما يغتال أبدانهم من صداع في الرأس ووجع في البطن فخمر الآخرة لا غول فيها بخلاف خمر الدنيا، فإنه يكون فيها صداع، ويكون فيها وجع للبطن، كما ذكر ذلك ابن كثير وغيره، أما النزف فقال: {وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (٤٧)} يقول المؤلف: [من نزف الشارب وأنزف إذا سكر بخلاف خمر الدنيا]، فإن الإنسان يسكر فيها ويزول عقله. أما في الآخرة فهي خالية من هذا، إذًا يصدق عليها ما وصفها الله -عز وجل- في قوله: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: ٢١] أي: مطهرًا من كل ما يحصل من خمر الدنيا.
قال: {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨)} (عندهم) أي: عند أصحاب الجنة الذين هم عباد الله المخلصون، لأن الله قال: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} ثم ذكر ما لهم من الثواب فيكون الضمير عائدًا على عباد الله المخلصين، {وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قال المؤلف -رحمه الله-: [حابسات الأعين على أزواجهن، لا ينظرن إلى غيرهم لحسنهم عندهن].
قوله: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قاصرات اسم فاعل مضاف إلى

الصفحة 109