كتاب تفسير العثيمين: الصافات

ترديني، وهذا هو الأقرب، قوله: {تَاللَّهِ} هذا قسم بحرف التاء. والقسم هو: تأكيد الشيء بذكر معظم بصيغة مخصوصة، وكان القسم تأكيدًا، لأن المقسم كأنه يقول بلسان حاله: إن منزله هذا عندي وقدره عندي أؤكد به ما أخبرت به إذا كان خبرًا، أو ما سأفعله إن كان إنشاء.
{قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ} يقول المؤلف: [إن مخففة من الثقيلة] أي فأصلها إنَّ، وهي تفيد التوكيد، وإنما قال مخففة من الثقيلة؛ لأن (إن) تأتي على أوجه متعددة (¬١):
و{كِدْتَ} قال المؤلف -رحمه الله-: [قاربت]، لأن كاد تدل على المقاربة، فهي من أفعال المقاربة، وقد اشتهر عند النحويين أن نفيها إثبات، وإثباتها نفي.
فإذا قلت: كاد يفعل، فهذا إثبات لكنه يدل على أنه لم يفعل.
وإذا قلت: لم يكد يفعل كذا، فهذا نفي لكنه يدل على أنه فعل، لقوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (٧١)}. [البقرة: ٧١]
لكن هذا الذي اشتهر ليس بصحيح، فهي كغيرها من الأفعال: إثباتها إثبات، ونفيها نفي. فإذا قلت: كاد يفعل كذا، فإنها إذا كانت بمعنى قارب تدل بمادتها على أنه لم يفعل، لأن من قارب الشيء لم يدخل فيه.
وعلى هذا فإثباتها إثبات.
فهي أثبتت المقاربة. والمقاربة تدل على عدم الفعل.
---------------
(¬١) سبق بيان هذه الأوجه في تفسير سورة يس ص (٩٩).

الصفحة 119