كتاب تفسير العثيمين: الصافات

يتجاوز الآخرين حتى يسلم ويمشي، وأعتقد أنه من سوء الأدب مادام الناس كلهم مقبلين على الإنسان كيف تسلم عليه من وراء، فأنت تريد أن تقطع حديثه مع هؤلاء لأجل أن يقبل عليك. وإذا كان انتظار الدور معروفًا في مصالح الناس فليكن حتى في السلام.
وعلى كل حال كون أهل الجنة يقبل بعضهم على بعض يدل على أن الإنسان إذا أراد أن يحادث غيره فليكن مقبلًا عليه، أما أن يحادثه من وراء فهذا ليس من الأدب.
٣ - ومن فوائدها: جواز التحدث بنعمة الله، بل نقول جواز في الأصل وإلا فإن التحدث من الأمور المطلوبة، {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (١١)} [الضحى: ١١] لأن هذا الرجل تحدث عما أنعم الله به عليه من الهداية مع أنه كان له قرين يريد أن يغويه.
٤ - ومن فوائدها: جواز غيبة الشخص الداعي إلى الضلالة، من قوله: {إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} ولا شك أن هذا القرين يدعو إلى الكفر، فتجوز غيبة الداعي إلى الضلال أو الكفر في الدنيا، للمصلحة العظيمة وهي تحذير الناس منه، حتى لا يقعوا في شركه.
٥ - فيها أيضًا من الفوائد: أن دعاة الضلال يأتون بالشبه التي توجب ضلال الناس، لأن هذا الداعية إلى الضلال يقول: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣)} فيلبس عليه ويقول: كيف يبعث من كان ترابًا وعظامًا من أجل أن يجازى؟ ! ولا شك أن مثل هذه الشبهة تنطلي على عامة الناس.

الصفحة 123