كتاب تفسير العثيمين: الصافات

ويتفرع على هذه الفائدة: أنه يجب الحذر من تشبيه أهل الضلال، وأن لا تدخل شبههم إلى قلب الإنسان، وقد ذكر ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله- أنه قال: اجعل قلبك بمنزلة الزجاجة الصافية، أو القارورة الصافية، ولا تجعله كالإسفنج يتشرب كل ما ورد عليه.
لأن الزجاجة الصافية يرى الشيء من ورائها صافيًا، ولكن ما يدخل إليها شيء، لو تضعها وسط الماء ما دخل إليها شيء، لكن الإسفنج يتشرب ويقبل كل ما يرد عليه ولو نقطة واحدة انتفخ منها، فالإنسان يجب عليه أن لا يتشرب الشبهات، وأن يكون قلبه صافيًا خالصًا لا يدخل إليه شيء من هذه الأشياء.
فإن قال قائل: قد لا أملك هذا الأمر فما موقفي إذا أورد عليَّ شخص شبهة من الشبه؟
الجواب على ذلك أن نقول: إن إيراد شيطان الإنس للشبه كإيراد شيطان الجن، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وردت على قلب الإنسان شبهات أن ينتهي عنها، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم (¬١)، وعلى هذا فالدواء أن أقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأقوم عن المكان ولا أبقى في جدال وصراع، وليس عندي علم أدفع به شبهاته، بل أقوم عن المجلس، أما أن أبقى وأنا ليس عندي علم أدفع به الشبهات فإنه ربما يؤثر عليّ، والقيام من هذا المكان الذي تلقى فيه الشبهات هو الإعراض، أو الانتهاء
---------------
(¬١) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده (رقم ٣٢٧٦) ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها (رقم ١٣٤) (٢١٤).

الصفحة 124