كتاب تفسير العثيمين: الصافات

الذي أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام- من ورد على قلبه شيء من الشبهات.
٦ - ومن فوائد الآيات: أنه قد يكون أعدى عدو للإنسان من كان مقارنًا له، لقوله: {إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (٥١)}.
ويتفرع على هذه الفائدة:
٧ - الاحتراس من القرناء، وألا نلقي إليهم بالمودة والإسرار إلا بعد أن نخبر حالهم؛ لأن كثيرًا من الناس يتلطف إليك ويمشي معك لا من أجل أن يستفيد منك ولا من أجل أن تستفيد منه، بل من أجل أن يرى ما عندك فيقومك إما فى نفسه وإما عند غيره.
فليس كل قرين للإنسان يكون ناصحًا له. بدليل هذا {لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢)} فاحذر القرناء لا تركن إليهم إلا بعد أن تعرف صدق نصحهم ومودتهم، وحينئذ فالإنسان مدني بالطبع، لابد للإنسان من قرين وصاحب يشكو إليه أموره، ويفضي إليه بأسراره، ويستشيره في أموره، لابد من هذا، لكن احذر، لا تركن إلى شخص إلا وقد عرفت صدقه.
٨ - ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الجزاء، لقوله: {أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣)} أي مجزيون ومحاسبون كما مر.
٩ - ومن فوائد قوله تعالى: {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤)} أن هذا الذي أنعم الله عليه بالنجاة يطلب من إخوانه في الجنة ويعرض عليهم الاطلاع من أجل معرفة قدر نعمة الله عليهم، فإن الشيء لا يتبين إلا بضده.

الصفحة 125