كتاب تفسير العثيمين: الصافات

الموت، فيذبح، ويقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت، فيزداد أهل النار غمًّا إلى غمهم، ويزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم" (¬١) لأنهم أمنوا من الموت، فهنا يتحدثون بهذه النعمة، وهي انتفاء الموت عنهم {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨)}.
{إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى} هذا الاستثناء كقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦)} [الدخان: ٥٦] وعلى هذا فالاستثناء منقطع، يعني لكن موتتنا الأولى حصلت وتمت في الدنيا.
وقوله: {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)} معطوفة على: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨)} أي: وكذلك ما نحن بمعذبين، فانتفى عنهم الموت المستلزم للتأبيد، والعذاب المستلزم للتنعيم.
{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠)}.
{إِنَّ هَذَا} المشار إليه ما ذكر من النعيم لأهل الجنة، ومنه انتفاء الموت والتعذيب {لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠)}. اللام: مؤكدة وإن: مؤكدة وهو: ضمير فصل. وعلى هذه فتكون هذه الجملة مؤكدة بثلاث مؤكدات "إن"، و"اللام" و"ضمير الفصل" ثم إن المبتدأ والخبر كلاهما معرفة، فيدل على أن هذا الفوز فوز خاص بأهل الجنة. {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ} الخاص على هذا الوجه هو الفوز
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار (رقم ٦٥٤٨)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء (رقم ٢٨٥٠) (٤٣).

الصفحة 130