كتاب تفسير العثيمين: الصافات

يعمل لهذا الشيء نفسه من باب أولى. فيقولون: إن هذا من باب التوكيد، وهذا كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. [الشورى: ١١].
فإن مثل ليست بزائدة، ولكنه جئ بها للمبالغة إذا كان مثله سبحانه وتعالى -لو فرض له مثل- لا يماثله شيء، فما بالك به هو نفسه؟ فيكون هذا من باب التوكيد.
إذًا: (لمثل هذا) نقول هذا من باب التوكيد والمبالغة أي: أن الإنسان مطلوب منه أن يعمل لمثل هذا، فكيف بنفس هذا الشيء، فتكون مثل على هذا ليست بزائدة، بل هي أصلية، وفائدتها، التوكيد والمبالغة. ولهذا يقال للشخص: مثلك لا يبخل، ويريدون هو لا يبخل لكن أتوا بمثل من باب المبالغة يعني إذا كان المتشبه بك لا يبخل فأنت: من باب أولى وأحرى، فمثل هذا التركيب في اللغة العربية يقصد به المبالغة وليس هناك زيادة.
إذا لمثل هذا الفوز العظيم النبيل والنعيم العظيم {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} و (الفاء) عاطفة و (اللام) لام الأمر.
وقوله: {فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)} أى: بشرع الله فإن هذا لو تذهب فى النفوس والأنفاس والنفائس لكان ذلك رخيصًا فى جانب هذا الفوز العظيم. فالواحد منا يسعى جهده ليحصل الدرهم والدينار فيشبع فى بطنه، ويكسو به عورته، وينعم به بدنه ذلك النعيم الزائف الزائل، وتجده يسهر في الليل ويتعب فى النهار من أجل الوصول إلى هذا الغرض لكن ثواب الآخرة أعظم

الصفحة 132