كتاب تفسير العثيمين: الصافات

وأعظم ومع ذلك فعملنا قليل، وقد وبخنا الله -عز وجل- بقوله-: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)} [الأعلى: ١٦ - ١٧] فالذي ينبغي له العمل حقيقة بل الذي يجب على العاقل أن يعمل له هو ثواب الآخرة.
وهذه الآية {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)} كقوله تعالى {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (٢٦)} [المطففين: ٢٦] هذا هو محل التنافس، وهذا هو محل العمل، وهو الجدير بذلك.
{لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)} قال المؤلف -رحمه الله-: [قيل: يقال لهم ذلك، وقيل هم يقولونه] وعلى كل حال فسواء هم الذين يقولونه، أو يقال لهم فإنه يفيد أن هذا الجزاء وهذا النعيم، وهذا الفوز هو الذي ينبغي أن تفنى فيه النفوس والأنفاس والنفائس.
الفوائد:
١ - أن التحدث بنعمة الله -عز وجل- مشروع ومأمور به بشرط أن يكون المقصود به الثناء على الله تعالى لا الافتخار على عباد الله.
٢ - ومن فوائدها: أن نجاة الإنسان من عذاب الله من أكبر النعم، ولهذا قال {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي} ويدل ذلك أيضًا قوله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا} [المائدة: ٣] حيث جعل إكمال الدين من إتمام النعمة، وبالدين تكون النجاة من النار والفوز بدار القرار، فمن أكبر النعم بلا شك بل هي أكبر النعم أن يمن الله على الإنسان بالنجاة من النار ودخول الجنة.

الصفحة 133