كتاب تفسير العثيمين: الصافات

٣ - ومن فوائدها: أن هذا المؤمن قال: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي} فأضاف الربوبية إلى الله، وهذه الربوبية من الربوبيات الخاصة، وقد مرَّ علينا أن الربوبية عامة وخاصة، وقد اجتمع في قوله تعالى: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٧) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (٤٨)} [الشعراء: ٤٧ - ٤٨] الأولى عامة، والثانية خاصة، والربوبية الخاصة تقتضي تربية أخص من الربوبية العامة، لأن الله تعالى يربي هذا العبد تربية خاصة أكثر من الربوبية العامة.
٤ - ومن فوائدها: جواز إضافة الشيء إلى سببه، لقوله: {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي} ولم يقل: ولولا ربي.
لكن قد يقول قائل: إن نعمة الله عز وجل إذا كان المراد بها فعل الله فهي من صفات الله فإضافة الشيء إليها كإضافته إلى الله، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: "إلا أن يتغمدني الله برحمته" (¬١). لكن إضافة الشيء إلى سببه على أقسام:
القسم الأول: أن يكون السبب معلومًا حقيقة حسًا أو شرعًا فنقول مثلًا: لولا فلان أنقذني من الغرق لهلكت. ولا بأس بذلك، لكن بشرط أن تشعر في قلبك أن فلانًا قد سخره الله لك ولم يستقل بفعله، ومن ذلك أي: من إضافة الشيء إلى سببه المعلوم قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في عمه أبي طالب: "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" (¬٢) فقال: "لولا أنا"
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل (رقم ٦٤٦٣) ومسلم، كتاب صفات المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى (رقم ٢٨١٦) (٧١).
(¬٢) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب قصة أبي طالب (رقم ٣٨٨٣)، ومسلم =

الصفحة 134