كتاب تفسير العثيمين: الصافات

وتغفل السبب بالكلية، فتقول: لولا الله لهلكت فهذا جائز.
القسم الرابع: أن تضيفه إلى الله بذكر السبب وتبين أن السبب مجرد سبب، مثل أن تقول: لولا أن الله أنقذني بفلان لهلكت، فهذا جائز.
القسم الخامس: أن يضيفه إلى سبب غير معلوم لا شرعًا ولا حسًّا فهذا شرك، لكن قد يكون أكبر وقد يكون أصغر.
فإذا قال: لولا فلان، يعني صاحب القبر أنقذني لهلكت فهذا شرك أكبر؛ لأن فلانًا لا يستطيع أن ينقذ.
وإن أضافه إلى سبب غير معلوم شرعًا ولا عرفًا ولا حسًّا لكنه ليس كالأول مثل: التمائم المعلقة على المريض من غير القرآن، فهذا شرك لكنه أصغر وليس بأكبر.
وهذا {وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي} إذا كان المراد بذلك فعل الله فهو من باب إضافة الشيء إلى فعل الله، وهو كإضافته إلى الله -عز وجل-.
وإن كان المقصود بذلك المنعم به فهو إضافة إلى شيء مخلوق، لكنه سبب صحيح، وإضافة الشيء إلى سببه الصحيح جائز.
٥ - ومن فوائد الآيات: أن أهل الجنة لا يموتون فيها، لقوله: {أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى} وهذا غاية ما يكون من النعيم، نعيم لا يشوبه تنغيص؛ لأن نعيم الدنيا مهما بلغ يشوبه التنغيص: إذا ذكر الإنسان أن هذا النعيم سوف يزول، أو يزول هو عنه، لا شك أنه يتكدر عليه صفوه، ولهذا قال الشاعر:

الصفحة 136