كتاب تفسير العثيمين: الصافات

لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته ... بادّكار الموت والهرم
مادام الإنسان يتذكر إما موت وإما هرم فإن العيش لن يطيب له، لكن من نعمة الله أن الإنسان يغفل عن هذا الشيء ولا يتذكر إلا الحالة التي هو عليها. لكن العاقل يكون حازمًا فيعمل لمستقبله.
فإذا قال قائل: هل لهذه الآية نظير في القرآن؟
فالجواب: نعم، قوله عز وجل: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦)} [الدخان: ٥٦] والاستثناء في هذه الآية كالاستثناء في الأولى، أي أنه منقطع. يعني لكن الموتة الأولى قد ذاقوها.
وقد يقول قائل: إن الاستثناء فيها متصل. وإذا قيل ما وجهه؟ قلنا: إن قوله: {إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى} استثناء من حال هؤلاء الذين قال الله عنهم: إنهم لا يذوقون الموت، لأن نعيم أهل الجنة متصل آخره بأوله، فإن أهل الجنة منعمون حتى في الدنيا. لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٧)} [النحل: ٩٧] فلا تظن أن الحياة الطيبة للمؤمنين في الآخرة فقط، بل هي في الآخرة وفي الدنيا أيضًا. لكن المشهور أن الاستثناء منقطع.
٦ - من فوائدها: انتفاء التعذيب عن أهل الجنة {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩)} ومن المعلوم أن هذه صفة سلبية، والصفة السلبية

الصفحة 137