كتاب تفسير العثيمين: الصافات

يجعل عمل الدنيا عملًا للآخرة. والغافل بالعكس يجعل عمل الآخرة عملًا للدنيا.
١١ - ومنها أن أهل الجنة لا ينامون؛ لأن النوم يحتاج إليه الإنسان من أجل أن يستعد لنشاط المستقبل، وأن يستريح من تعب الماضي، وأما أهل الجنة فلا ينامون لكمال حياتهم، فليس عندهم تعب، {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ (٤٨)} [الحجر: ٤٨] فهم لا ينامون لأنهم لا يحتاجون إليه، ولأن النوم يصد عن النعيم والتنعم بما أعد الله لهم.
١٢ - ما أشرنا إليه آنفًا في قوله: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)}:
أنه ينبغي للعاقل أن يذهب أنفاسه ونفيسه ونفسه في العمل لهذه الغاية الحميدة، {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ (٦١)}.
١٣ - ومن فوائدها: الإشارة إلى أن العمل لغير هذا ليس من الحكمة وليس من العقل، بل العقل والحكمة يقتضي أن يكون عمله للغاية العظيمة: للوصول إلى الجنة.
١٤ - في الآية رد على الجبرية حيث وجه الأمر إليهم ونسب العمل إليهم؛ لأن الأمر بالشيء لمن لا يستطيعه لا شك أنه ظلم وتكليف بما لا يطاق، وإثبات العمل أيضًا لمن لا إرادة له يعتبر مدحًا لغوًا، لأن هؤلاء إذا كانوا مجبرين فلا ينبغي أن يُمدحوا على محبوب ولا أن يذموا على مكروه.

الصفحة 141