كتاب تفسير العثيمين: الصافات

وهل هذه الشجرة واحدة للشخص، أو هي واحدة بالنوع والجنس؟
في ذلك احتمالان:
الأول: يحتمل أنها شجرة كبيرة تملأ النار كلها، ويتفرع منها أغصان في دركاتها كما هو ظاهر كلام المؤلف.
الثاني: يحتمل أنها شجرة متعددة، لكن أفردت باعتبار نوعها، كما تقول -مثلًا- إذا شاهدت شجرة: هذه مذاقها مر، مذاقها حلو، مذاقها كذا، لا تريد هذه الشجرة الواحدة، بل تريد هذا الجنس وهذا النوع، فشجرة الزقوم يحتمل أنها شجرة واحدة قد ملأت النار بأغصانها والله على كل شيء قدير، وإلا فإن النار بعيدة القعر، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فسمعنا وجبة فقال: "أتدرون ما هذا؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "هذا حجر رمي به في النار حتى وصل إلى قعرها منذ سبعين خريفًا" (¬١) يعني سبعين سنة وهو يهوي في النار ما وصل إلى قعرها، هذه الشجرة إذا قلنا: إنها واحدة وأن أغصانها ملأت دركات النار فالله على كل شيء قدير، وإن قلنا: إنها واحدة بالجنس والنوع فليس في ذلك إشكال.
يقول جل وعلا: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤)} وما ظنك بهذه الشجرة النارية التي تخرج في أصل الجحيم، فيكون لمنبتها أثر فيها؛ لأن المنبت يؤثر على النابت، حتى إن
---------------
(¬١) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين (رقم ٢٨٤٤) (٣١).

الصفحة 147