كتاب تفسير العثيمين: الصافات

وقال -عزَّ وجلَّ- في اغتسالهم {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠)} [الحج: ١٩ - ٢٠] تصل حرارته إلى ما في البطون مع حيلولة بقية الجسم دونها لكن تصل الحرارة إلى ذلك، كما قال الله تعالى: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧)} [الهمزة: ٦ - ٧] تصل إلى القلوب، نسأل الله السلامة، اللَّهم نجنا من النَّار.
يقول تعالى: {فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٦٦)} قوله: {الْبُطُونَ (٦٦)} "ال" هنا للعهد الذهني، ولا يمكن أن نقول: إن "ال" العهد الذكري لأنَّه؛ سبق ما يدل على البطن لأنَّ العهد الذكري لابد أن يتقدم نفس اللفظ، وهنا لم يتقدم اللفظ، لكن تقدم ما يدل عليه في قوله: {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ} لأنَّه لا يأكل إلَّا من له بطن.
الفوائد:
١ - من فوائدها: إثبات أكلهم منها على سبيل التأكيد لقوله: {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا}.
٢ - ومن فوائدها: أنَّه ينبغي تأكيد الشيء المستبعد أمام المخاطب من أجل اطمئنان نفسه وإقراره به، ولهذا قال علماء البلاغة: إن المخاطب له ثلاث حالات:
١ - ابتداء.
٢ - وشك.
٣ - وإنكار.
١ - ففي الابتداء لا يحسن أن تؤكد له الخبر، بل تلقيه إليه غير مؤكد؛ لأنك إذا أكدته بدون سبب للتأكيد فقد يشك، ويقول: لولا أن هذا الرجل كاذب ما ذهب يؤكد الخبر بدون سبب،

الصفحة 152