كتاب تفسير العثيمين: الصافات

فالفصاحة أن تلقيه إليه مجردًا من التأكيد.
فمثلًا: إذا أردت أن تخبر بقدوم زيد، تقول: قدم زيد، إذا كنت تخاطب رجلًا خطاب ابتداء، ليس عنده شك في قدومه ولا إنكار.
٢ - أن يكون عند المخاطب شك في الأمر فهنا يحسن أن يؤكد، ولكن لا يجب، فهذا الرجل الذي تخشى أن يكون شاكًّا بقدوم زيد لاستبعاده إياه، يحسن عندما تخبره أنَّه قادم أن تؤكد له، فتقول: قد قدم زيد، أو إن زيدًا قادم.
٣ - أن يكون منكرًا ففي هذه الحال يجب أن يؤكد له الخبر من أجل أن يزول عنه الإنكار ويطمئن إلى مدلول الخبر، كما لو كنت تخاطب شخصًا ينكر أن يكون فلان قدم البلد فتقول له: لقد قدم، وإن رأيت أنَّه يحتاج إلى زيادة. قلت: والله لقد قدم.
هذا باعتبار حال المخاطب أي: أنَّه يحسن توكيد الخبر، أو تجريده من التأكيد، أو وجوب تأكيده باعتبار حال المخاطب، وقد يكون التأكيد وعدمه باعتبار حال مدلول الخبر فإذا كان المدلول أمرًا هامًّا فإنَّه يؤكد حتَّى وإن كنت تخاطب من لا ينكر، مثل قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (٢)} [القيامة: ١ - ٢] وأشباه ذلك مما أقسم الله به على البعث وهو يخاطب المؤمنين، فهنا نقول: تأكيد هذا الخبر مع إقرار المخاطب به يقصد بذلك بيان أهميته، وأنَّه أمر يجب أن يتأكد في قلب الإنسان، وأن يثبت فيه ويرسخ. قال أهل العلم: وقد ينزل المقر منزلة المنكر لفعله فعل المنكر مثل قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ

الصفحة 153