كتاب تفسير العثيمين: الصافات

٤ - ومن فوائدها: أن ظاهرها يفيد تأبيد النَّار، لأنَّها المرجع النهائي، وهذا يقتضي أنَّه ليس هناك سواه، وهذا القول أعني أن النَّار مؤبدة هو القول المتعين الذي لا يجوز اعتقاد سواه، وذلك لأنَّ الله تعالى ذكر التأبيد في ثلاثة مواضع: في سورة النساء، وفي سورة الأحزاب، وفي سورة الجن.
ففي سورة النساء يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}. [النساء: ١٦٨ - ١٦٩].
وفي سورة الأحزاب يقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}. [الأحزاب: ٦٤ - ٦٥]
وفي سورة الجن: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣)}. [الجن: ٢٣]
وبعد هذه الآيات الثلاث من عالم الغيب والشهادة لا يجوز العدول عن القول بمدلولها، فإذا كان الساكن خالدًا خلودًا مؤبدًا لزم أن يكون المسكون كذلك، أي مؤبدًا لا يمكن فناؤه، والقول بجواز فناء النَّار أو بوجوب فناء النَّار، قول ضعيف جدًا، وقد علق شيخنا الشَّيخ عبد الرحمن السعدي -رَحِمَهُ اللهُ- على ابن القيِّم -رَحِمَهُ اللهُ- في كتابه "شفاء العليل" حيث ذكر الخلاف عن بعض السلف بأنه قول ضعيف جدًا، واستغرب أن يقع هذا من ابن القيِّم -رَحِمَهُ اللهُ- لأنَّه قول منافٍ للقرآن، ولكن لكل جواد كبوة.

الصفحة 158