كتاب تفسير العثيمين: الصافات

ثم قال -سبحانه وتعالى-: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤)} فسرها المؤلف: باسم الفاعل أي المؤمنين، إشارة إلى أن المخلص هنا اسم فاعل، لأنَّ المفسِّر يطابق المفسَّر فيقول: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤)} الاستثناء هنا منقطع؛ لأن ما بعده من غير جنس ما قبله. وإذا كان ما بعد إلَّا من غير جنس ما قبلها فهو استثناء منقطع، والاستثناء المنقطع يكون علامته أن يحل محل لكن، ولكن لماذا يؤتى بـ (إلا) بدل لكن؟ إشارة إلى قوة اتصال ما بعدها بما قبلها، فهي تفيد الاستدراك مع ارتباط ما قبلها بما بعدها، من حيث المعنى وإن كان هذا يختلف عن ذلك.
وقوله: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ} المراد بالعبودية هنا الخاصة. بدليل قوله تعالى: {الْمُخْلَصِينَ (٧٤)}.
وسبق لنا قريبًا بيان أن العبودية تنقسم إلى عامة وخاصة. أي: المؤمنين، فإنهم نجوا من العذاب لإخلاصهم في العبادة. وهذا على قراءة كسر اللام، أو لأنَّ الله أخلصهم له على قراءة فتح اللام، فأفاد المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ- أن في الآية قراءتين:
المخلِصين والمخلَصين، لكن لم يصرح بهما، وإنما أتى بمضمونهما. ففي الآية قراءتان في {مخلِصين} لإخلاصهم لله، لأنهم أخلصوا القصد لله -عَزَّ وَجَلَّ- رب العباد، إليه الوجه والعمل، فلم يلتفتوا إلى ما سوى الله، والإنسان المخلص لله الذي أخلص قلبه له يوفق وتكون عاداته عبادات؛ لأنَّه دائمًا مع الله ودائمًا يتفكر في آيات الله، ودائمًا يحب القرب من الله، فيسعى إلى أن يكون قوله وفعله وتركه كله لله -عَزَّ وَجَلَّ-، وهذا في

الصفحة 168