كتاب تفسير العثيمين: الصافات

وقال النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسلام-: "إن لنفسك عليك حقًّا" (¬١).
ثالثًا: إذا قصد بذلك الاستعانة بهذا الأكل والشرب على طاعة الله، ولاسيما إذا كان معينًا إعانة مباشرة، كما في قوله -عليه الصَّلاة والسلام-: "تسحروا فإن في السحور بركة" (¬٢).
رابعًا: إذا قصد بذلك التبسط بنعم الله تعالى، فإن الله تعالى يحب من عبده أن يتبسط بنعمته، لأنَّ الكريم يحب أن يتبسط الناس بكرمه، ومن أشرف وقت عند الكريم أن يطرق بابه الضيوف ليكرمهم. لكن البخيل بالعكس فإذا قصد الإنسان التنعم بنعمة الله والتبسط بها لا شك أن هذا قربة لله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأنَّ الله يحب إذا أنعم على أحد نعمة أن يرى أثر نعمته عليه.
فمن العلماء من يقول إذا قامت الحجة سواء فهم المدعو أو لم يفهم فلا عذر له، ومنهم من يقول: لابد أن تقام عليه الحجة ويفهمها، أما إذا قيل لهم بعث رسول يدعو إلى الهدى ولكنه ما فهم هذا الشيء فإنَّها لا تقوم عليه الحجة، لأنَّ الله تعالى يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: ٤] بعد أن بين أنَّه ينقسم الناس بهؤلاء الرسل إلى ضال ومهتدٍ، والمسألة تحتاج إلى تأمل في
---------------
(¬١) أخرجه البُخاريّ في أبواب التهجد، باب ٢٠ (رقم ١١٥٣)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النَّهي عن صيام الدهر لمن تضرر به أو فوّت حقًا أو لم يفطر العيدين والتشريق ... (رقم ١١٥٩) (٨٨).
(¬٢) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب. (رقم ١٩٢٣)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر رقم (١٠٩٥) رقم (٤٥).

الصفحة 171