كتاب تفسير العثيمين: الصافات

والسلام-، ونوح أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض بدليل الكتاب والسنة.
أما الكتاب فقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: ١٦٣] إذا ليس هناك نبي مرسل قبل نوح -عليه السَّلام-.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} [الحديد: ٢٦].
فإذا كانت النبوة والكتاب في ذريتهم، فليس قبل نوح أحد أوتي النبوة والكتاب، والمراد بالنبوة نبوة الرسالة، أم نبوة الوحي والعبادة فقد سبقت لآدم، فإن آدم نبي مكلم لكنَّه ليس نبيًّا مرسلًا.
وأمَّا من السنة فقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: "أن النَّاس يأتون إلى نوح ويقولون: أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض" (¬١).
فنوح -عليه الصَّلاة والسلام- هو أول الرسل ولبث في قومه ألف سنة إلَّا خمسين عامًا، يدعوهم ليلًا ونهارًا.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦)} [نوح: ٥ - ٦] يدعوهم سرًّا وعلنًا {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (٩)} [نوح: ٩] ولكنهم -والعياذ بالله- لا يزيدهم ذلك إلَّا نفورًا واستكبارًا مع قوة الرسالة والآيات العظيمة نكصوا
---------------
(¬١) أخرجه البُخاريّ في كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله؛ -عزَّ وجل- {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ}، (رقم ٣٣٤٠) ومسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنَّة منزلة فيها (رقم ١٩٣) (٣٢٢).

الصفحة 173