كتاب تفسير العثيمين: الصافات

وقوله: {فَلَنِعْمَ} الفاء: حرف عطف تفيد التَّرتيب والتّعقيب، واللام: موطئة للقسم، وتقدير الكلام: فوالله لنعم المجيبون.
والمجيبون: فاعل نعم، ونعم وبئس وشبههما. تحتاجان إلى فاعل وإلى مبتدأ لتكون جملتهما خبرًا عنه. هذا المبتدأ يسمى المخصوص. بالمدح أو بالذم.
فأين المخصوص في هذه الآية؟ يقول المؤلف: -رَحِمَهُ اللهُ- (نحن) أي: فلنعم المجيبون نحن، وصدق ربنا -عَزَّ وَجَلَّ- نعم المجيب: الله -سبحانه وتعالى- فإن إجابته ليست كإجابة غيره إجابة محققة، لكن بشرط أن تتم شروط الإجابة وأن تنتفي الموانع. فإن لم تتم شروط الإجابة فإنَّه لا يجيب -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأنَّ إجابته كسائر أفعاله مبنية على الحكمة، والحكمة وضع الشيء في موضعه، فإذا تمت شروط الاستجابة صار للاستجابة محل فحلت الإجابة. وإذا لم تتم لم يكن للإجابة محل، فلم تتحقق الإجابة.
ولابد من انتفاء الموانع وسيأتي -إن شاء الله تعالى- ذكر هذه الشروط والموانع عند ذكر الفوائد، فالله تعالى أثنى على نفسه بأنه نعم المجيب وصدق الله العظيم، فإنَّه تعالى نعم المجيب: يجيب عباده إذا اقتضت الحكمة ذلك بوجود الشروط وانتفاء الموانع.
{فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥)} فهو قال المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ-[له نحن أي دعانا على قومه فأهلكناهم بالغرق]. دعا الله على قومه

الصفحة 175