كتاب تفسير العثيمين: الصافات

حيث سألهم موبخًا لهم: ما الذي تظنونه برب العالمين إذا عبدتم غيره؟ هل تظنونه ناقصًا لا يستحق أن يعبد وحده؟ هل تظنونه غافلًا عن عملكم فيدعكم بدون عقوبة؟ هل تظنونه يرضى بأن يُعبد معه غيره؟ كل هذا لم يكن، فظنكم ظنٌّ خاطئ.
١٤ - ومن فوائدها: عموم ربوبية الله -سبحانه وتعالى- لقوله: {بَربِّ العَالَمِينَ}.
١٥ - ومن فوائدها: إقامة الحجة على الخصم بما لا ينكره لقوله: {بَربِّ العَالَمِينَ} لأن العالم تشمل حتى آلهتهم التي يعبدونها، فإذا كانت آلهتهم مربوبة فكيف يمكن أن تكون معبودة؟ هذا تناقض، وقد مرّ علينا أن من أقر بانفراد الله بالربوبية لزمه أن يقر بانفراده بالألوهية وإلا صار متناقضًا. إذ لا يستحق العبادة إِلَّا الرب الخالق المالك المدبر، ومن لم يكن كذلك فإنه لا يستحق أن يُعبد.
١٦ - ومن فوائدها: أن الخلق علم وآية ودليل على خالقهم، والخلق باعتبار كونه آية على وجود الله وقدرته وكمال سلطانه وتدبيره أمر معلوم، لكن قد يكون آية على معنى خاص، فمثلًا نزول المطر آية على الرحمة، والنكبات والخوف والنقص في الأموال والأنفس آية على عقوبته وغيرته وانتقامه ممن عصاه، فهناك معنىً عامًا تشترك فيه جميع الآيات، وهو كونها دالة على وجود الخالق -عزَّ وجلَّ- وكمال ربوبيته وسلطانه، وأنه لا يعارضه شيء من هذه المخلوقات.
وهناك معنىً خاصًّا للآية وما تدل عليه بعينها، كدلالة

الصفحة 209