كتاب تفسير العثيمين: الصافات

عليه عند القاضي وقال: والله ما له عندي شيء. فالقاضي في مثل هذا التعبير يفهم براءة هذا المدعى عليه. والمدعى عليه أراد بما أن تكون اسم موصول. يعني: "والله الذي له عندي شيء". هذه التورية نقول: إنها حرام، لأنها تتضمن جحد الحق الواجب عليه أداؤه.
فإذا قال قائل: ما الأصل فيها الإباحة أو الكراهة؟
فالأقرب أن الأصل فيها الكراهة، ولكن قد تكون مباحة، وقد تكون مستحبة، وقد تكون واجبة، وقد تكون حرامًا.
١٨ - ومن فوائدها: جواز إسناد الوصف إلى الإنسان باعتبار المستقبل، تؤخذ من قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} فإنه الآن ليس بسقيم، لكن كل إنسان عرضة لأن يسقم، على أنه يمكن أن يريد بقوله إني سقيم أي ضعيف باعتبار قوله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا}. [النساء: ٢٨] فيكون الوصف هنا حاليًّا.
١٩ - ومن الفوائد في قوله: {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِريِنَ} أن هؤلاء القوم لما قال لهم هذا القول، وبعد أن نظر نظرة في النجوم اقتنعوا، فيتفرع على ذلك أن الإنسان المبطل قد يقتنع بالشيء ولو كان باطلًا في حقيقته وهو كذلك، فالإنسان المبطل إذا ورّى له في باطله ظن أنه حق فأخذ به واعتبره.
٢٠ - ومن فوائد قوله تعالى: {فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (٩١)} إلى آخر الآيات بيان قوة إبراهيم -كما سبق- ما ذهب بسرعة وخفاء إلى هذه الآلهة ليكسرها، ولكنه -عليه الصلاة والسلام- لم يكسرها إِلَّا بعد أن أقام البينة على من كان عندها بأن

الصفحة 211