كتاب تفسير العثيمين: الصافات

هذه الآلهة لا تصلح أن تكون آلهة. لأنها لا تعقل، لا تنطق، ولا تعرف ما ينفعها ولا تجلب لنفسها نفعًا، فلغيرها من باب أولى، ولهذا قال: {أَلَا تَأْكُلُونَ (٩١) مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ}.
٢١ - ومن فوائدها: جواز التورية كما سبق؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- يعلم أن هذه الأصنام لا تأكل ولا تنطق، لكن أراد بهذا السؤال إقامة الحجة على من كانوا عندها يحرسونها وينتصرون لها: بأن هذه الأصنام غير صالحة للعبادة؛ لأنها لا تعرف ما ينفعها ولا يضرها، ولا تجلب لنفسها نفعًا ولا تدفع عن نفسها ضررًا.
٢٢ - ومن فوائد قوله تعالى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} بيان قوة إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-.
٢٣ - ومن فوائدها أيضًا: أنه ينبغي للإنسان إذا عمل عملًا أن يكون فيه جادًّا وحازمًا، فيفعله بقوة لا بتوان وكسل، خلاف لما يقوم به بعض الناس من الأعمال، حيث تجده يواجه عمله بضعف وتوانٍ وكسل.
والإنسان في الحقيقة مع نفسه على ما اعتاد، إذا اعتاد الحزم والقوة وألا يدع عملًا لوقت مستقبل صار حازمًا في أعماله مدركًا لآماله، أما إذا كان كسولًا متهاونًا يقول: أدع هذا الشيء إلى غدٍ. فإن الأعمال سوف تتراكم عليه، وسوف يجد في النهاية أنه عاجز عنها، لأنه إذا أخر عمل يوم إلى غد اجتمع عليه غدًا عملان: عمل الماضي وعمل الحاضر، فإن أخَّره مرة أخرى اجتمع عليه ثلاثة أعمال، وهكذا حتى يعجز ويكل، ولهذا منع

الصفحة 212